فصل: فصل في بيان ترك كتاب التسمية يفي أول هذه السورة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الخازن:

سورة التوبة:
وهي مدنية بإجماعهم قال ابن الجوزي سوى آيتيين في آخرها لقد جاءكم رسول من أنفسكم.
فإنهما نزلنا بمكة وهي مائة وتسع وعشرون آية وقيل مائة وثلاثون آية وأربعة آلاف ثمان وسبعون كلمة عشرة آلاف وأربعة وثمانون حرفا ولهذه السورة أسماء عشرة التوبة وسورة براءة وهذان الإسمان مشهوران وهي المقشقشة قاله ابن عمر سميت بذلك لأنها تقشقش من النفاق أي تبرئ منه وهي المبعثرة لأنها تبعثر عن أخبار المنافقين وتبحث عنها وتثيرها والفاضحة قاله ابن عباس لأنها فضحت المنافقين وسورة العذاب قاله ابن حذيفة وهي المخزية لأن فيها خزى المنافقين وهي المدمدمة سميت بذلك لأن فيها هلاك المنافقين وهي المشردة سميت بذلك لأنها شردت جموع المنافقين وفرقتهم وهي المثيرة سميت بذلك لأنها أثارت مخازي المنافقين وكشفت عن أحوالهم وهتكت أستارهم.
عن سعيد بن جبير قال قلت لابن عباس سورة التوبة فقال بل هي الفاضحة ما زالت تقول ومنهم ومنهم حتى ظنوا لأن لا يبقى أحد إلا ذكر فيها قال قلت سورة الأنفال قال نزلت في بدر قال قلت سورة الحشر قال بل سورة بني النضير أخرجاه في الصحيحين.

.فصل في بيان ترك كتاب التسمية يفي أول هذه السورة:

عن ابن عباس قال قلت لعثمان ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثالني وإلى براءة وهي من المئين فقرنتم بينهما ولم تكتبوا سطر بسم الله الرحمن الرحيم ووضعتموهما في السبع الطوال ما حملكم على ذلك قاتل عثمان كان رسول اللهن صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يأتي عليه الزمان وهو ينزل عليه السور ذوات العدد وكان إذا نزل عليه شيء دعا بعض من كان يكتب فيقول ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا وإذا نزلت عليه الآية يقول ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا وكانت الأنفال من أوائل ما نزل بالمدينة وكانت براءة من آخر القرآن نزولا كانت قصتها شبيهة بقصتها وظننت أنها منها وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها أو من غيرها من أجل ذلك قرنت بينهما ولم أكتب بسم الله الرحمن الرحيم ووضعتها في السبع الطوال أخرجه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن قال الزجاج والشبه الذي بينهما أن في الأنفال ذكر العهود وفي براءة نقضها وكان قتادة يقول هما سورة واحدة وقال محمد بن الحنفية قلت لأبي يعني علي بن أبي طالب لم لم تكتبوا في براءة بسم الله الرحمن الرحيم قال يا بني أن براءة نزلت بالسيف وأن بسم الله الرحمن الرحيم أمان وسئل سفيان بن عيينة عن هذا فقال لأن التسمية رحمة والرحمة أمان وهذه السورة نزلت بالمنافقين قال المبرد لم تفتتح هذه السورة الشريفة ببسم الله الرحمن الرحيم لأن التسمية افتتاح للخير وأول هذه السورة وعيد ونقض عهود فلذلك لن تفتتح بالتسمية وسئل أبي بن كعب عن هذا فقال إنها نزلت في آخر القرآن وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بكل سورة بكتابة بسم الله الرحمن الرحيم ولم يأمر في براءة بذلك فضمت إلى الأنفال لشبهها بها وقيل إن الصحابة اختلفوا في أن سورة الأنفال وسورة براءة هل هما سورة واحدة أم سورتان فقال بعضهم سورة واحدة لأنهما نزلتا في القتال ومجموعهما معا مائتان وخمس آيات فكانت هي السورة السابعة من السبع الطوال وقال بعضهم هما سورتان فلما حصل هذا الاختلاف بين الصحابة تركوا بينهما فرجة تنبيها على قول من يقول أنهما سورتان ولم يكتبوا بسم الله الرحمن الرحيم تنبيها على قول من يقول هما سورة واحدة. اهـ.

.قال السيوطى:

سورة التوبة مدنية وآياتها تسع وعشرون ومائة مقدمة سورة التوبة أخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نزلت براءة بعد فتح مكة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نزلت سورة التوبة بالمدينة.
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما قال: أنزل بالمدينة سورة براءة.
وأخرج ابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال: مما نزل في المدينة براءة.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وابن أبي داود في المصاحف وابن المنذر والنحاس في ناسخه وابن حبان وأبو الشيخ والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قلت لعثمان بن عفان رضي الله عنه: ما حملكم أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني؟ وإلى براءة وهي من المئين فقرنتم بينهما ولم تكتبوا سطر بسم الله الرحمن الرحيم ووضعتموها في السبع الطوال ما حملكم على ذلك؟ فقال عثمان رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يأتي عليه الزمان وهو ينزل عليه السور ذوات العدد فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من كان يكتب فيقول: «ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا» وكانت الأنفال من أوائل ما نزل بالمدينة وكانت براءة من آخر القرآن نزولا وكانت قصتها شبيهة بقصتها فظنت أنها منها فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها فمن أجل ذلك قرنت بيهما ولم أكتب بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم ووضعتهما في السبع الطوال.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري والنسائي وابن الضريس وابن المنذر والنحاس في ناسخه وأبو الشيخ وابن مردويه عن البراء رضي الله عنه قال: آخر آية نزلت {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} النساء [الآية 176] وآخر سورة نزلت تامة براءة.
وأخرج أبو الشيخ عن أبي رجاء قال: سألت الحسن رضي الله عنه عن الأنفال وبراءة أسورتان أو سورة؟ قال: سورتان.
وأخرج أبو الشيخ عن أبي روق قال: الأنفال وبراءة سورة واحدة.
وأخرج النحاس في ناسخه عن عثمان رضي الله عنه قال: كانت الأنفال وبراءة يدعيان في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم القرينتين فلذلك جعلتهما في السبع الطوال.
وأخرج الدارقطني في الأفراد عن عسعس بن سلامة رضي الله عنه قال: قلت لعثمان رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين ما بال الأنفال وبراءة ليس بينهما بسم الله الرحمن الرحيم؟ قال: كانت تنزل السورة فلا تزال تكتب حتى تنزل بسم الله الرحمن الرحيم فإذا جاءت بسم الله الرحمن الرحيم كتبت سورة أخرى فنزلت الأنفال ولم تكتب بسم الله الرحمن الرحيم.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المنافق لا يحفظ سورة هود وبراءة ويس والدخان وعم يتسألون».
وأخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور وأبو الشيخ والبيهقي في الشعب عن أبي عطية الهمداني قال: كتب عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: تعلموا سورة براءة وعلموا نساءكم سورة النور.
وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني في الأوسط وأبو الشيخ والحاكم وابن مردويه عن حذيفة رضي الله عنه قال: التي تسمون سورة التوبة هي سورة العذاب والله ما تركت أحدا إلا نالت منه ولا تقرأون منها مما كنا نقرأ إلا ربعها.
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر وأبو الشيخ وابن مردويه عن حذيفة رضي الله عنه في براءة يسمونها سورة التوبة وهي سورة العذاب.
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر وأبو الشيخ وابن مردويه عن حذيفة رضي الله عنه في براءة يسمونها سورة التوبة وهي سورة العذاب.
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر وأبو الشيخ وابن مردويه عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال: قلت لابن عباس رضي الله عنهما: سورة التوبة؟ قال: التوبة بل هي الفاضحة ما زالت تنزل ومنهم حتى ظننا أن لن يبقى منا أحد إلا ذكر فيها.
وأخرج أبو عوانة وابن المنذر وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما.
أن عمر رضي الله عنه قيل له: سورة التوبة؟ قال: هي إلى العذاب أقرب ما أقلعت عن الناس حتى ما كادت تدع منهم أحدا.
وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة رضي الله عنه قال: قال عمر رضي الله عنه: ما فرغ من تنزيل براءة حتى ظننا أنه لم يبق منا أحد إلا سينزل فيه وكانت تسمى الفاضحة.
وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن زيد بن أسلم رضي الله عنه.
أن رجلا قال لعبد الله: سورة التوبة؟ فقال ابن عمر رضي الله عنه: وأيتهن سورة التوبة؟ فقال: براءة.
فقال ابن عمر: وهل فعل بالناس الأفاعيل إلا هي ما كنا ندعوها إلا المقشقشة.
وأخرج أبو الشيخ عن عبد الله بن عبيد بن عمير رضي الله عنه قال: كانت براءة تسمى المنقرة نقرت عما في قلوب المشركين.
وأخرج أبو الشيخ عن حذيفة رضي الله عنه قال: ما تقرأون ثلثها يعني سورة التوبة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: يسمونها سورة التوبة وإنها لسورة عذاب يعني براءة.
وأخرج ابن المنذر عن محمد بن إسحاق رضي الله عنه قال: كانت براءة تسمى في زمان النبي المعبرة لما كشفت من سرائر الناس.
وأخرج سعيد بن منصور والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن أبي ذر رضي الله عنه قال دخلت المسجد يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فجلست قريبا من أبي بن كعب رضي الله عنه فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم سورة براءة فقلت لأبي: متى نزلت هذه السورة؟ فلم يكلمني قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته قلت لأبي رضي الله عنه: سألتك فتجهمتني ولم تكلمني فقال أبي: مالك من صلاتك إلا ما لغوت.
فذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال: «صدق أبي».
وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي رضي الله عنه أن أبا ذر والزبير بن العوام رضي الله عنهما سمع أحدهما من النبي صلى الله عليه وسلم آية يقرأ ها وهو على المنبر يوم الجمعة فقال لصاحبه: متى أنزلت هذه الآية؟! فلما قضى صلاته قال له عمر بن الخطاب: لا جمعة لك.
فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال: «صدق عمر».
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان وضعفه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: لما نزلت سورة براءة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بعثت بمداراة الناس».
وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سألت علي بن أبي طالب رضي الله عنه لم لم تكتب في براءة بسم الله الرحمن الرحيم؟ قال: لأن بسم الله الرحمن الرحيم أمان وبراءة نزلت بالسيف. اهـ.

.قال محمد أبو زهرة:

سورة التوبة:
وهى مدنية وعدد آياتها 129 ويقولون إلا الآيتين الأخيرتين فمكيتان.
وفى المصحف أنها نزلت بعد المائدة، ولكن الثابت أن آية: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} المائدة، نزلت في عرفة في حجة الوداع، وأن براءة نزلت في حجة الصديق رضى الله عنه، وصلى بها على بن أبى طالب، فهى قبل المائدة، وقالوا: إنها نزلت في تبوك، وفيها أخبار المسلمين والمنافقين في هذه الغزوة مما يدل على أنها مقارنة لها في الز مان، وتسمى الفاضحة؟ لأنها فضحت المنافقين، وتسمى البحوث لأنها بحثت أسرار المنافقين وكشفتها، ولم تبدأ ببسم الله الرحمن الرحيم كغيرها من السور.
وقالوا في ذلك: إن الصحابة لم يفصلوا بينها وبين سورة الأنفال بالبسملة، وذلك لأن القرآن الكريم كتب ما كتب فيه بالتوقيف لا بالرأى، ووضعت آياته وسوره بالتوقيف، وقد اتبع زيد بن ثابت والجماعة الذين كانوا معه ما رسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم من سوره ونزل عليه من آياته ووضع كل آية في موضعها من سورتها، ولم يضع بسم الله الرحمن الرحيم بين الأنفال وبين براءة، والكتابة سنة متبعة ثابتة بالتوقيف، هذا لا مجال للريب فيه فقد ثبت بالتواتر.
وقالوا في الحكمة في عدم كتابة البسملة: فمنهم من قال إن البراءة امتداد للأنفال فموضوعهما في الحرب والعهود، وتلك حكمة واضحة بينة، وقال بعضهم إن الرحمة والسلام اللذين تدل عليهما البسملة، لا يتناسبان مع ما اشتملت سورة براءة من نقض للعهود، وتهديد بالحروب، وكشف للنفاق.